منوعات

الانانية حالة بغيضة متفشية في مجتمعنا – امال عز الدين

الانانية حالة بغيضة متفشية في مجتمعنا - امال عز الدين

إطلاق النار في الهواء الطلق في لبنان من على شرفات واسطح البيوت والمباني مؤخراً، بالتزامن مع إصدار نتائج امتحانات الثانوية العامة هي المرة المليون ربما التي يلجأ فيها المقربون للتعبير بالرصاص القاتل عن فرحتهم بنجاح اولادهم من دون اكترا ث لما قد تتسبب به من أذى وقد صم ّ هؤلاء آذانهم عن كل النداءات التي لطالما صدرت مراراً وتكراراً عن كتير من المرجعيات العزيزة لوقف هذا السلوك، لما يورث من ضرر لكثير من الابرياء في ممتلكاتهم، والأخطر في ارواحهم .
حيث الكثير ممن نالته رصاصة طائشة في الجسد او في الرأس كانت قاضية فأودت بحياتهم وخلفت كثير من الجرحى بحالة إعاقة عن الحركة وسببت مشكلات اجتماعية ونفسيةواقتصادية. فبأفضل الظروف أرغمت كثيرين على بذل كل مالهم في المستشفيات لتلقي العلاج .
هذه المشكلة انما هي جزء من جملة مشكلات، يتخبط بها مجتمعنا ونصادفها في علاقاتنا مع الآخرين في مختلف مجالات وأمكنة الاحتكاك معهم ، وحتى في العلاقات مع محيطنا الأسري ومع الاقارب والجيران …فما هي الحقيقة الكامنة خلف كل تلك التعقيدات في تعاملنا اليومي والتي ينتج عنها كل تلك الأضرار الإنسانية .؟

انها الأنانية ، او حب الذات، او الرغبة بامتلاك كل شيء ، او السعي لتحقيق الشهوات سلوك لم يعد خاصاً بفرد في مجتمعنا ، وليس مقتصراًعلى حالات شاذة، إنما هو ظاهرة منتشرة في المجتمع بشكل مخيف .
هي حالة سلبية خطيرة اتخذت حديثاًمكاناً لها في الاعماق النفسية والعقلية للنسبة الأكبر من الناس في المجتمع .
لا يمكن تلمس الأنانية حسياً،ولا يمكن رؤيتها بالعين المجردة ، إنما يمكن ملاحظتها، في التصرفات والعلاقات الاجتماعية ،في المنازل بين أفراد في الاسرة ، وفي مؤسسات العمل بين الموظفين ، وفي الأسواق، وفي محال البيع والشراء ، حيث تتنافس الأهواء والشهوات البشرية للامتلاك وتحقيق الرغبات .
“كل يقول نفسي ، كل يبحث أين مصلحتي ، كل يردد : أنا وبعدي الطوفان ، الغني لا يعترف بحق الفقير ، و القوي لا يكترث لحال الضعيف ، وذو المسؤولية مترفع عنها لتواجده خارج دائرة من هم يعانون وآهاتهم مسترسلة، و التسابق نحو المقدمة بالطرق غير المشروعة آخذ مداه .”
أمثلة كثيرة من الواقع يمكن سوقها في هذا المجال .
كتيرون اليوم يعتمدون استراتيجية التسلط على الاخر لناحية فرض وجهة نظر ،وقناعة معينة على الآخر، ورفض الاستماع والأصغاء لهذا الاخر . والاعتقاد دائماً بصوابية افكارهم وخطأ رأي الآخرين ، الى حد استصغارهم والسخرية منهم والتعامل معهم بدونية .
امثالهم تجدهم دائمو الهيمنة على الحديث خلال نقاش مجموعة ما في موضوع عام سياسي اقتصادي او اجتماعي .
نجد احدهم يسعى بكل قوته لاضعاف اصوات الآخرين والتشويش على الفرص التي يحاولون منها إسماع رأيهم وإعلان مواقفهم امام جماعة النقاش سواء كانت في الاسرة او مع الاقارب او جماعة الرفاق او جماعة العمل او في البرامج الإعلامية خاصةً.
بعض النماذج نجدهم أمامنا في مواقف صغيرةولكنها ذات دلالة نفسية
بعض الآباء مثلاًنجدهم في اعلى درجات الأنانية والرفض عندما يشعرون ان احد الابناء قد اختار طريقاً آخر مغاير لما رسموا له وفقاً لرغباتهم وطموحاتهم هم .
ونجداحدهم يرزح تحت وطأة الألم لكونه أصيب بصدمة ابتعاد صديقه فجأةعنه وعدم الاكتراث لوجوده وانسحابه من علاقته معه نتيجة علو مستوى الانانية عنده وتغليب ما تقتضيه برأيه المصالح الشخصية .
وحتى في الطرقات وبالعلاقات التي تقتضي الاحتكاك اليومي مع أشخاص لا رابط شخصي معهم سوى المكان مثلاًعند قيادة السيارة وسط زحمة السير او الطرقات المتفرعة اوفي الإنفاق والأوتوسترادات نجد بعضهم يطلق عنان بوق سيارته لإزالة من هم أمامه من سيارات وأشخاص لابعادهم عن طريقه دون ادنى مراعاة لظروفهم الانسانية والنفسية وربما ظروف تقنية طارئة التي قد تعيقهم عن التنحي جانباً ..
وفي محال الخضار والفاكهة تتلاقى الأيدي في صندوق وتجد كثير منها تترك أمامها لتختار من أمامك ما سيكون خيار لك ، ربما كان ذلك بدافع من اللاوعي وسيطرة فكرة ارضاء الأنا .
الانانيةمرض وحالة نفسية بغيضة منافية للعيش الإنساني والعلاقات الاجتماعية الطيبة والشعور مع الآخر ومساعدته ..

“ولقد تحدثت الأبحاث والدراسات المختصة بالعلاقات الإنسانية أن من أهم الوسائل لتطوير العلاقات الاجتماعية هو الشعور بالطرف الآخر من خلال استشعار ما يريده وتفهم احتياجاته” ..
امال عز الدين

زر الذهاب إلى الأعلى