منوعات

الدرس “الببغائي” المفضل عند كثير من التلاميذ في لبنان – آمال عز الدين




“ما بعرف اكتب فهم ” “ما بعرف ادرس فهم “…”انا دارس بدي حدا يذكرني باول كلمة لأكتب نسيت كل شي .. بدي اول كلمة لأكتب كرج ” ..
الى الان هذه العبارات نسمعها ايام الامتحانات من التلاميذ فرغم مرور نحو ١٧ سنة على عملية تغيير طرائق التعليم في المدارس الرسمية ، من تلقينية ، محورها المعلم …الى تشاركية، وتفاعلية محورها التلميذ .
ففي اي مادة دراسية، صار الاعتبار للتلميذ على انه ركيزة العملية التعليمية، او محورها . والمعلم او الاستاذ، صار مجرد مدير مساعد في هذه العملية، التي تقوم على مشاركة التلميذ، في شرح الدرس وفي المشاركة في النقاش ، وتحليل المعلومات واستخراجها ،و استنتاجها وذلك في اي مادة وفي كل درس ..
صحيح ان قواعد العلاقة بين الاساتذة والتلاميذ تغيرت ، إلا ان هذا التغير لم بنجر ، على عملية هضم التلميذ للمعلومات ،(حسب ما تهدف اليه الطرائق التعليمية الجديدة ) ،وعملية ترتيبها، وامتلاك القدرة على استيعاب المعلومات ،عبر ملكة التحليل والربط بين المفاهيم والمصطلحات والمقدرة على اعادة صياغة هذه المعلومات كل تلميذ بأسلوبه وتعبيره الذي يؤكد على مدى فهمه واستيعابه .
لم يتمكن التلامذة من فك قيود طريقة التلقين في مذاكرة المادة الدراسية وظل غالبيتهم اسرى عملية الحفظ “الببغائي ” للمعلومات غيباً عن ظهر قلب .
عقبات كثيرة ساهمت بانعدام هذه الملكة عند الجزء الأكبر من التلامذة وأبرزها عدم اعتماد اي آلية مساعدة في المدارس للأساتذة والمعلمين للعبور بالتلميذ نحو شخصية متعلم إبداعي تماماً كما كان المتوخى من طرائق التعليم الجديدة.
كل التغييرات ظلت على الورق لم يترجم مثلاً العنصر الأساسي فيها المشاركة من المتعلمين في شرح الدرس واستيعابه التي تقتضي عمل مجموعات صفية . فمقاعد الدراسة لم تتغير بما يتناسب مع ما تحتاجه المشاركة من طاولات مستديرة ميسرة , وعدد التلامذة ظل مرتفعاً في كل صف ما حال دون العمل بهذا النوع من الطرائق التعليمية التي حاول الاساتذة اعتمادها بالتجهيزات المدرسية القديمة نفسها ، تجربة بينت عدم قدرتها على التحقق حيث بدا معها انها تستنزف الوقت مما دفع المعلمون امام الحاجة لإنهاء المناهج التعليمية بالوقت المحدد غالباً الى تجنب استخدامها او ندرة اعتمادها .

هكذا أتى النص وجوب انتقال المدارس والثانويات لاعتماد طرق جديدة في التعليم من دون وضع آليات تطبيقية اجرائية لتنفيذها .معها، تُرك المعلم وحده ليتدبر أمره ، في الاعتماد على قدراته، ومهاراته، وأسلوبه في تقديم المادة الدراسية بالطرق التعليميةالجديدة .
حتى بعض الدورات التدريبية التي أُتيحت للمعلمين والأساتذة لم تستطع ردم الجانب الكبير من تلك المعوقات وجوهر المشكلة . ربما يمكن الإشارة الى إيجابية
وحيدة لهذا الخرق الجديد في هذه العملية انها فعلاً غيّرت أسلوب وأسس العلاقات بين الاساتذة والتلامذة فأصبحت علاقات اكثر مرونة وتفهم واستيعاب وحرية لقد ازيلت حواجز الخوف والقمع بين المعلمين والتلامذة فعلاً . عملية التعليم في هذه الجزئية بالتحديد ، حديثة. ويُشهد لإدارات المدارس والمعلمين والأساتذة انهم نجحوا في تقديم نمط معلم جديد . بانتظار مساعدة الجهات المعنية بتقديم آليات وتجهيزات واجراءات جديدة توضع بين يدي المؤسسات التعليمية لتحقق الهدف الأسمى وهو بناء شخصية المتعلم المفكر المبدع .

زر الذهاب إلى الأعلى