
كتبت رمال جوني في “نداء الوطن”:
هذا زمن “البالة” بامتياز، لا منازع له اليوم. تنتشر أسواقه بشكل لافت. كثر لجأوا إليه كمورد رزق، جرّاء ارتفاع الطلب عليه. إذ تُشكّل هذه الأسواق الملاذ الأرخص والأوفر للفقراء. في «بالة» النبطية تتعرّف إلى واقع الناس عن كثب. سيّدة تبحث عن حذاء رخيص. أمّ تجر أولادها في رحلة بحثها بين الملابس المتكدسة على الأرض عن أي قطعة مناسبة للعيد. ودّع الناس موسم الرفاهية، ولّى إلى غير رجعة. تقول مُدرّسة التربية الوطنية سهام إن “قدرتها الشرائية تقهقرت، بعدما كانت تشتري سلعها من أهم المحال التجارية، لم تعد تجد أمامها سوى البالة”. ترى أنّ “أسواقها انتعشت مجدّداً، بعد أفول الخيارات أمام الناس”. عشرات البسطات تعرض ملابسها وأحذيتها وأدواتها الكهربائية والمنزلية المستعملة، تنتشر داخل السوق. يتوزّع الباعة بين الشباب وكبار السنّ. فرصة، فتحت كوّة في جدار البطالة. مصدر رزق في زمن تحلّل العملة الوطنية.
“في هذه الأسواق الشعبية، يتمكّن الناس من شراء بنطال أو كنزة بدولار” وفق أماني نحولي. هذا الواقع يصعب توفّره في المحلات التجارية الأخرى، “أرخص قطعة تبدأ من 13 دولاراً وطلوع”. تعرض أماني بضاعتها الأوروبية، تحاول استمالة الزبائن، لم يمض وقت طويل على دخولها هذا العالم.
في كل الحالات، تُشكّل “البالة” عصباً اقتصاديّاً حيويّاً. غالبية روادها هم من النازحين السوريين، الذين أصبحوا يشكّلون القدرة الاقتصادية الأوفر حظاً. ينتظرهم التجّار أكثر من اللبنانيين، حتى أن العديد من الباعة هم من السوريين. هؤلاء يقتنصون كلّ فرصة عمل. يشير خلف الخلف إلى أنّ «الناس تلجأ إلى البالة كون أسواقها مفتوحة وشعبية، فربّة المنزل التي لديها أربعة أولاد لن تجد أمامها سوى البالة”، غير أنه يرى أن “الموسم خفّ وفضح المتوقع”. هذا الواقع يتقاطع أيضاً مع غنوة التي كانت تنتظر موسماً كبيراً ولكن ظنّها قد خاب، فالناس لم تعد قادرة حتّى على البالة، همّها في مكان آخر.