
كتبت نوال نصر في” نداء الوطن”: في 30 تشرين الثاني 2021، أُرسلت برقية الى مدعي عام التمييز جاء فيها: أبلغ الخبير الفرنسي إيمانويل دوران السلطات اللبنانية المختصة ووزارة الإقتصاد والتجارة «بأن صوامع الكتلة الشمالية من مبنى الأهراءات، مالت نحو 7 سنتمترات منذ تموز الماضي، وبالتالي فإنه يتوقع سقوطها نهاية السنة الجارية بسبب العوامل الطبيعية في فصل الشتاء. أرسلت البرقية، في 8 كانون الأول 2021، الى المحقق العدلي القاضي طارق بيطار للإطلاع، فردّ عليها في اليوم نفسه: جانب النيابة العامة التمييزية نعلمكم أنه لم يعد من داع للمحافظة على ما تبقى من مبنى أهراءات القمح بالنظر للمرحلة التي قطعها التحقيق العدلي. عرض وزير العدل الموضوع، في جلسة مجلس الوزراء، في 11 آذار الجاري، موصياً بالهدم إستناداً الى كلام دوران، بأن المبنى يميل 2 ميلمتر يومياً وإذا وقع فستحصل كارثة إنسانية.
رئيس قسم الكيمياء في كلية العلوم في جامعة القديس يوسف، مدير فريق الإنبعاثات والمقاييس ونمذجة الغلاف الجوي EMMA، الدكتور شربل عفيف إعتاد قياس تلوث الهواء وكم ردد وهو يقرأ في النتائج “يا إلهي”. اليوم يبحث في نتائج سقوط الأهراءات على الهواء الذي نتنشقه ويقول: “التأثير سيكون مداه قصيراً. سيتضايق السكان في المحيط من الغبار المتطاير. الى ذلك، ثمة نظريات كثيرة موجودة مفادها ان بقايا القمح، في الأهراءات، لا بُدّ أن تكون قد تسببت بالفطريات، وحين سيتم هدم الأهراءات ستتطاير تلك الفطريات مع الغبار في الهواء وستنتشر في الأماكن القريبة من المرفأ، على شعاع يتراوح بين 500 و700 متر. الخطر سيكون ممكناً لكنه غير حتمي”. ماذا قد تتسبب بها تلك الفطريات المشبعة بالغبار؟ وما هي المناطق الأكثر عرضة لمخاطرها؟ يجيب عفيف “سيزيد خطر الإصابة بسرطان الرئة، وأكثر الأماكن المهددة هي الجميزة ومارمخايل واول منطقة مار نقولا، اما الكرنتينا، ففي المبدأ، لن تتأثر”.
إذا سقطت فجأة يكون السبب إهمالا “رسمياً” آخر، اللهم ألّا يحدث ذلك على رؤوس الناس أيضا فترتفع فاتورة الضحايا، أما في حال أخذت الدولة قرارها بإسقاط الأهراءات فيفترض بسكان المناطق المجاورة المكوث في منازلهم وإقفال النوافذ والأبواب ريثما ينجلي الغبار المحمّل بالفطريات من الفضاء الخارجي. وهذا الأمر يدوم لساعات قليلة. على أن تُغسل النوافذ والشرفات لاحقا بالمياه لإزالة أي غبار عالق عليها. سؤال آخر، ماذا عن خطر الاسبستوس الناتج عن ركام الأهراءات؟ يجيب عفيف “لم يثبت مدى استخدام هذه المادة في بناء الأهراءات، أما إذا كان ذلك حاصلا فأكثر من هم معرضون لمخاطر تنشق الأسبستوس هم السكان في الجوار، وبينهم طبعا سكان الجميزة ومارمخايل. ويشرح: كانوا يستخدمون قديماً ألياف مادة الاسبستوس في العمار لتقوية الباطون، الى أن اكتشفوا لاحقا مخاطرها فتوقفوا عن ذلك عالمياً. وهناك مبان كثيرة تخلصوا منها في فرنسا على سبيل المثال نظراً للأخطار الصحية التي تسببها”. لا بُدّ أن يكون السؤال التالي يلح في بالكم: وماذا لو كانت مادة الاسبستوس مستخدمة حقاً في بناء أهراءات القمح؟ ماذا عن القمح الذي تناولناه وكان مخزّنا فيها؟ يجيب عفيف: “مادة الاسبستوس تؤثر على التنشق لا على الطعام، فهي تدخل الى الرئة وتزيد من مخاطر الإصابة بسرطان الرئة”.