تاريخ النبطية

دموعٌ للحسين (ع) تتنقل عند الفجر بين أزقة البيوت منذ مائة عام في النبطية

بقلم د.علي كالوت

يخرجون فجراً من مضاربهم ، ييمّمون الوجوه نحو المسجد للصلاة، ومن بعدها يتقاطر الحب من عيونهم على نواعي الحسين، متنقلين من منزل إلى آخر، في مدينة لا تهدأ فيها الدمعة ولا تسكن الأنّة، في الليل والنهار، على مصاب آل بيت النبوة… تلك هي النبطية.

في بداية عهد إمامة المقدس الشيخ عبد الحسين صادق، انطلقت مجالس العزاء بعد صلاة الفجر، وهي غير مجالس المساء والنهار، فهذه يتعهدها كبار السن ممن أخذهم الشيب في طريق التبعية للحسين ع..
روى لي أحد هؤلاء الكبار ممن أصبحوا في دار البقاء، أنه منذ شبابه كان ينطلق بعد صلاة الصبح نحو التجمع الصغير من المعزين الذي يبدأ في المنازل المحيطة بمنطقة الوقف الحسيني ومعهم قارئ عزاء يوزع بصوته الشجي قصائد الحزن والمواساة في تلك البيوت من دون إلقاء خطبة أو موعظة، وهكذا حتى يكون ختام المجالس في بيت إمام المدينة..
كان ذلك منذ قرابة القرن إلا بضع سنين.
رغم الاضطرابات التي كانت تهز المدينة في كل الفترات، من قصف و احتلال ومعارك داخلية وإجراءات أمنية وعسكرية، حافظت هذه المجالس على بقائها ونقائها، وامتدت إلى اليوم، وقد اتسعت دائرة التنقل بين المنازل لتتجاوز الثلاثين منزلا تقديرا..
هذه الهدية الإلهية للنبطية، لم نسمع عنها في أغلب مناطق انتشار الشيعة في العالم ولعل في بعض مناطق إيران والعراق كانت تقام سابقاً ولم يردنا عنها تفصيل..
بوركت تلك القلوب التي لا تنام في عاشوراء حبا للحسين، وهنيئا لتلك الوجوه التي يقطر منها الحب والعشق والصدق في الولاء للحسين وأهل بيته عليهم السلام..

زر الذهاب إلى الأعلى